شعر الدكتور/ عبد الرحمن بن عبد الرحمن شُمَيلة الأهدل
فَـارَقْتُهُ مِثْلَ غُصْـنِ الْبَانِ فِي الشَّجَـرِ ** يَمِيـسُ فِي حُلَلٍ يَزْهُـو عَلَـى الْقَمَــرِ
وَثَـغْـرُهُ بَــاسِــمٌ يَشْـــدُو بِـأُغْـنِـيَـــةٍ ** كَـأَنَّــهُ دُرَّةٌ مِـنْ أَجْـمَــــلِ الــدُّرَرِ
شَبَـابُــهُ الْغَـضُّ مَكْتُـوبٌ بِـوَجْنَتِـــهِ ** وَالشَّعْـــرُ وَفْـرَتُـهُ طُــولٌ بِلاَ قِـصَــرِ
عُيُونُــهُ تَــزْدَرِي عَـيْـنَ الْمَهَــا عَلَنًـــا ** فَيَــا لِحُسْـنٍ بَــدَا مِـنْ نَضْــرَةِ النَّظَــرِ
طَـالَ الْغِيَــابُ وَزَيْـدٌ بَيْنَ ذَاكِـرَتِيْ ** يَـدُوْرُ مِثْـلَ قَصِيْدِ الشِّعْــرِ فِـي الْفِكَـرِ
وَنُطْقُـهُ لَـمْ يَـزَلْ جَـارٍ بِخَـاطِرَتِـيْ ** كَــأَنَّ أَحْـرُفَــهُ مِــنْ يَـانِــعِ الثَّمَــرِ
وَذَاتَ يَـوْمٍ رَأَتْ عَيْنِي وَمَـابَرِحَـتْ ** تَرَى عَجُوزًا حَبَنْطَـى فَـاقِـدَ الْبَصَــرِ
وَكُنْـتُ إِذْ ذَاكَ مَــدْعُــوًّا بِـأُمْسِيَــةٍ ** عَلَى رِيَاضِ الْهَدَى فِي فَتْـرَةِ السَّحَــرِ
وَضَــمَّ مَجْلِسُنَــا صِيـــدًا عَبَـاقِـــرَةً ** مِنْ كُـلِّ فَـذٍّ جَلِيـلِ الْقَــدْرِ مُبْتَكِـرِ
أَهْدَى لَنَا الرَّوْضُ عِطْرًا رَائِعًا وشَذًا ** وَسَانَـدَتْـــهُ وُرُودٌ بِـالشَّــذَى الْعَطِـــرِ
وَدَارَ كَــأْسُ الصَّفَــا وَالْــوُدُّ وَانْتَثَـرَتْ ** دَقَـائِقُ الْعِلْـمِ بَيْــنَ الْقَــوْمِ كَـالْمَطَـــرِ
تَجَـاذَبَ الْكُـلُّ أَطْرَافَ الْحَـدِيـثِ كَمَـا ** تَنَاشَدُوا الشِّعْــرَ فِـي صَفْــوٍ بِلاَ كَــدَرِ
لَمَحْـتُ شَيْخًـا كَقَــوْسِ النّبْـلِ مُنْحَنِيًـــا ** وَيَـا لَـهَـا عِبْـرَةً تَرْبُــو عَلَـى الْعِبَــرِ
فَـذَاكَ زَيْــدٌ عَـلَى الْعُكَّـازِ مُتَّكِئًــــا ** وَظَهْـرُهُ مُلْتَـوٍ يَشْكُــو مِــنَ الضَّجَــــرِ
وَعَيْنُــهُ لاَ تَــرَى شَمْسًـــا وَلاَ قَمَــرًا ** حَـدِيـثُــهُ مُفْعَــمٌ بِـاللَّغْــوِ وَالْهَـــــذَرِ
وَشَعْرُهُ ابْيَـضَّ مِثْلَ الْقُطْنِ وَانْعَطَفَتْ ** رِجْلاَهُ فَهُـوَ حَبِيْـسُ الْبَيْـتِ وَالسُّـــرُرِ
فَكِــدتُ أَلْـفُـظُ أَنْفَــاسِــي لِـرُؤْيَتِـــهِ ** وَسِرْتُ فِـي حِـيرَةٍ مِمَّـا رَأى بَصَـرِي
فَجِئْـتُ مُـرْتَبِكًــا وَالْقَــلْبُ مُنْكَسِـرٌ ** وَصِحْتُ فِي رِفْقَتِي هَيَّـا اتْبَعُوا أَثَرِي
هَمَسْـتُ أَسْـأَلُــهُ يَــا بَــدْرُ مَــافَعَـلَـتْ ** بِـكَ النَّـوَائِبُ قَالَ اغْتَـالَنِي قَــدَرِي
تَتَـابَعَـتْ مِحَــنٌ فِــي إِثْــرِهَــا مِحَـــنٌ ** وَرَافَقَتْنِـي هُمُومُ الْـوَهْـمِ وَالضَّــرَرِ
وَزَلْزَلَتْنِـــيَ أَطْـمَـــاعٌ فَـــذَابَ بِهَـــا ** زَهْـرُ الشَّبَابِ وَأَذْوَتْ بَعْـدُ كُلَّ طَـرِيْ
وَكَـمْ أَطَـاحَـتْ بِأَقْـوَامٍ ذَوِي نَشَـبٍ ** وَأَنْشَبَتْ مِخْلَبًـا فِي قَلْبِ كُـلِّ جَرِي
تِلْـكَ الدُّنَــا جِيْفَـةٌ فِــي بَحْــرِ مَهْلَكَـــةٍ ** وَعُمْقُـهُ خَطَــرٌ مِـنْ أَعْظَـمِ الْخَطَـرِ
وَهَــلْ بِدُنْيَــايَ عَيْـشٌ دَامَ فِـي زَمَـــنٍ ** لأَيِّ حَــيٍّ فَدَعْهَــا صَـاحِ وَاعْتَـبِرِ
فَقُلْـتُ يَــانَفْـسُ تُـوبِـي إِنَّهَــا قَــذَرٌ ** وَلَهْـوُهَـــا مَسْبَــحٌ لِلسَّـــابِـحِ الْقَــذِرِ
* * * * * * * * * * *