شعر الدكتور/ عبد الرحمن بن عبد الرحمن شُمَيلة الأهدل
دَعْنِي وَشَأْنِي فَفِكْرِي احْتَارَ مِنْ عَجَبِ ** فَقَدْ بُلِيْتُ بِشَيْـخِ الشُّؤْمِ وَالْكَـذِبِ
تَـوَغَّـل الْحِقْــدُ فِـي أَنْفَـاسِـهِ وَنَمَـى ** وَكُنْتُ أَجْهَلُ مَـا يُخْفِيْهِ مِـنْ كُرَبِ
أُذِيـعُــهُ السِّــرَّ لاَ أخْشَـى عَـوَاقِـبَـهُ ** ظَـنَـنْتُ مَعْدِنَـهُ مِـنْ سَادَةٍ نُجُـبِ
وَكُنْـتُ آمَنُـــهُ فِــي كُـــلِّ حَـادِثَــةٍ ** وَكَمْ أُصِيخُ لِمَا يُلْقِيهِ مِنْ خُطَبِ
وَذَاتَ يَـوْمٍ رَأَيْـتُ الشَّيْـخَ مُبْتَسِمًـا ** يَهْتَـزُّ مِـنْ فَرَحٍ يَشْدُو مِـنَ الطَّـرَبِ
فَقُلْـتُ أَهْــلاً بِـذِي عِلْــمٍ وَمَعْـرِفَـةٍ ** وَصَاحِبِ الْحِلْمِ وَالإِحْسَانِ وَالْقُرَبِ
فَقَـالَ مَهْـلاً رُوَيْـدًا كُــفَّ عَـنْ هَـذَرٍ ** فَإِنَّ مَدْحَكَ لِي ضَرْبٌ مِنَ اللَّعِبِ
فَأَنْتَ فِـي خَاطِـرِيْ نَـارٌ تُزَلْزِلُنِي
وَأَنْتَ فِي مُهْجَتِي كَالسُّمِّ فِي الضَّرَبِ
دَعِ الثَّنَــاءَ وَمَـدْحًـا لَسْـتُ أَسْمَعُــهُ ** فَقَـدْ ظَفِـرْتُ وَفَـازَ الْقَلْبُ بِالأَرَبِ
رَأَيْـتُ طِفْـلَـكَ بَيْـنَ الــدُّخِّ مُـخْتَـنِــقٌ ** وَبِكْرَكَ الْفَذَّ لَمْ يَسْلَمْ مِنَ الْعَطَـبِ
وَالْبَيْــتُ مُسْتَـعِــرٌ وَالنَّــارُ هَـائِـجَــةٌ ** وَزَلْزَلَتْ أُسْرَةَ الأَحْسَابِ وَالنَّسَبِ
شَفَـتْ غَلِيلِي وَأَفْنَـتْ كُــلَّ مُـدَّخَـرٍ
وَضَاعَ مِنْ هَوْلِهَا مَاحُزْتَ مِنَ نَشَبِ
فَتُهْـتُ فِـي حِيــرَةٍ حِيْـنَ اسْتَمَعْـتُ لِمَــا ** أَلْقَـاهُ خِـلٌّ صَدِيقُ الْعُمْـرِ وَالْحِقَـبِ
وَقُلْتُ يَـا نَفْسُ عَـلَّ الشَّيْـخَ مُضْطَـرِبٌ ** وَعَقْلُـهُ زَاغَ نَوْعًـا مّامِـنَ النَّصَبِ
ذَهَـبْـتُ لِلْبَيْـتِ لاَ أَلْـوِي عَلَـى أَحَــدٍ ** رَأَيْتُ مَنْزِلَنَـا كُـومًـا مِـنَ الْحَطَـبِ
وَطِفْلَــةً سَلِمَـتْ مَــا مَسَّهَــا لَـهَــبٌ ** وَنَخْلَـةً بَقِيَـتْ تَزْهُـو مَعَ الرُّطَبِ
ذَكَـرْتُ عَمْـراً وَمَـا أَبْـدَاهُ مِـنْ فَــرَحٍ ** بِمَـا ابْتُلِيتُ بِـهِ فَـاشْتَـدَّ بِي غَضَبِي
وَصِحْتُ يَـا نَزْغَةَ الشَّيْطَـانِ هَـلْ بَلَغَـتْ ** بِكَ الْعَدَاوَةُ حَتَّى سِرْتَ تَسْخَرُ بِي
أَرَاكَ فِـي طَـــرَبٍ شَــادٍ بِـأُغْـنِيَــةٍ
عَلَى مُصَابِي فَهذَا الصُّنْعُ صُنْعُ غَبِي
نَسِيْتَ يَـا عَمْـرُو أَنِّـي مُخْلِـصٌ ثِـقَــةٌ ** فَكَيْـفَ تَكْـرَهُنِي ظُلْمًـا بِـلاَ سَبَـبِ
فَـحَـسْبِــيَ الله مِــنْ خَـــلٍّ يُـقَـابِـلُنِـي ** بِوَجْهِـهِ بَاسِمًـا وَالْقَلْبُ كَـاللَّهَـبِ
فَقَــالَ دَعْنِـي فَحِقْـدِي صَـارَ مُشْتَـعِـلاً ** بُرْكَـانُهُ يَقِظٌ فِي الرُّوحِ لَمْ يَغِبِ
وَضَـرَّنِــيْ كَــرَمٌ جَــاثٍ بِـمَنْـزِلِـكُـمْ ** وَمَـا تَحَلَّى بِـهِ الأَبْنَـاءُ مِنْ أَدَبِ
رَأَيْتُكُمْ يَوْمَ عِيـدِ الْفِطْـرِ فِي مَـرَحٍ ** يَزْهُـو بَنُوْكَ وَأَبْنَائِـي عَـلَى سَغَـبِ
وَزَادَنِـي حَسَـدًا يَـا زَيـدُ مَـا وَصَلَـتْ ** إِلَيـهِ أُسْـرَتُكُـمْ مِـنْ ذِرْوَةِ الرُّتَـبِ
وَأُسْـرَتِــي هَـدَّهَـــا فَـقْـــرٌ وَشَتَّـتَـهَـــا ** أَرَى ابْتِسَامَكَ لِي ذُلاًّ وَتَهْزَأُ بِي
وَطِفْلَتِــي مَــيُّ تَـهْجُوْنِـي وَتَمْـدَحُكُـمْ ** تَقُولُ أَنَّـكَ فِـي الأَبَاءِ خَيْـرُ أَبِ
فَشَبَّـتِ النَّــارُ بَيْـنَ القَلْـبِ مِـنْ حَسَـدٍ ** وَزَوْجَتِي أَصْبَحَتْ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ
فَقُلْـتُ أَنْـتَ لَئِيْـمُ الطَّبْــعِ مُضْـطَـرِبٌ ** فَكَيـفَ تَحْسُدُنِي يَا سَـوْءَةَ العَـرَبِ
فَـالله يُعْطِـي وَإِنْ قَصَّـرتَ فِـي طَلَـبٍ ** وَيَمْنَعُ الرِّزْقَ عَبْدًا جَدَّ فِي الطَّلَبِ
يُعْطِـي وَيَمْـنَـعُ عَــدْلٌ فِـي تَـصَرُّفِـهِ
وَلاَ اعْتِرَاضَ فَتُبْ يا عَمْرُو وَاجْتَنِبِ
وَاعْلَـمْ فَلَيْسَ الغِنَى يَـا عَمْـرو فِي رُتَـبٍ ** يَنَالُهَا العَبْدُ مَهَمَا ازْدَادَ فِي الرُّتَبِ
وَلاَ الغِنَى الْعَـرْضُ أَوْ مَـالٌ ظَفِـرْتَ بِـهِ ** وَإِنْ تَبَاهَـى ذَوُوا الأَمْوَالِ وَالنَّشَبِ
بَـلِ الْغِنَـى هِـيَ نَفْــسُ الْحُـرِّ إِنْ قَنِعَـتْ ** بِبُلْغَـةِ الْعَيْشِ بَعْدَ الْكَـدِّ وَالتَّعَبِ
هِــيَ القَـنَــاعَـــةُ كَـنْــزٌ لاَ نَفَـــادَ لَــهُ ** فَكُـنْ قَنُوعًـا وَثِـقْ بِاللهِ وَاحْتَسِـبِ
وَتُبْ إلَى اللَّهِ مِنْ ضِغْـنٍ وَمِنْ حَسَـدٍ
وَاقْرَأْ عَنِ الْحَسَدِ الْمَذْمُومِ فِي الْكُتُبِ
* * * * * * * * * * *