ياليت شعري
أنصت فشعـريَ لم يكن متغيِّرا ** كلا ولا المعنى يخالف ما جرى
أحـتــاج مـنـك تأمـــلا وتـدبـرا ** وتفـهـمـا لتـرى بعقلك مــا أرى
فـالنـصــح نبـراس لكل مفـكــر ** مـتـأمــل لا مـن يـولِّــي مـدبــرا
أنا عشت دهـرا والشباب كأنـه ** زهر الرياض وعشت فيه مشمّرا
ومضت ليــال والشباب يهـزني ** نحو اللهى فلهوت من دون افترى
وسهرت في ناد العجائب ضاحكا ** ومشيـت في لـهـو الدنا متبخترا
وكأن دهــري لـم يكـن متهـيئـا ** لتراجـع بـعـد الشباب القـهـقـرى
فصحوت من نوم الغباوة بعـدما ** ذهب الشباب وبعد أن نقض العرى
فنـدمت مثـل ندامــة الكسعي لـم ** أحـذر مـن الدنيا وكنـت مخيّـرا
لو كنـت أمضيت الشباب عبـادة ** وتركت دنـيـا اللـهو كنـت منوّرا
لو كنت أمضيت الشباب مرافقـا ** أهل الصلاح ومن غدا مستبصرا
ما كنت في خـوف يمزق مهجتي ** والخوف من أخرى أتى متأخرا
ضعفت قـواي فلـم أكـن ذا قـوة ** لقيـام ليـل حيـن يغلبني الكـرى
أين الشباب فقـد تولّى مسرعـا ** وأتـى المشيب ومحـتـوايَ تغيـر
وهنت عظامي واشتكت من علـة ** تغتـالهـا حين التـدهــور سيطـر
فلـو أننـي هـذبـت نفسي سابـقـا ** وعبدت ربي خـاشعـا مستغفـرا
وعملت خيرا واعتكفت بمسجـد ** وبذلت مـالـي للفـقيـر وللقــرى
ما كنت أندب من ضياع سافـر ** أهدرت أعـوام الشباب وأشهُـرا
ما كنت أندب والدمـوع غزيرة ** أني خسرت زمان وقت أخضر
فحــذار من شر الـتـهــاون إنه ** شر البليـة كــم فضـائلَ دمّـر
فحذار من شر التخـاذل عامــدا ** وحـذار أن تبنـي بـنـاء منـكـرا
فـأطــع إلـهـك واستعـدّ لـتـوبـة ** تمحـو ذنوبا كثرة مثل الثرى
فـالله جــل عــلاه يـقـبـل تـوبـة ** والتوب ليس يباع منك ويشترى
فاستغفـر المـولى تنل منـه الرضا ** وادعوه دوما كي تفوز وتظفر
كـم مـذنب لـم يستجـب لنصيحـة ** حتى أفاق على الممات وغرغر
يا ليت شعـري ما استفاد مـن الدنا ** إلا الضيـاع فـكـم أساء وقـصـر
يا ليت شعـري مـا استفاد من الدنا ** إلا السـراب فـليــتــه مــا أدبـر
فأنب أخي لذي الجـلال بلوعـة ** مستصحبا نيـة وصـدقا مـقـمـرا
وادعوه في غلس فربك غـافـر ** واخشع بإخـلاص تـعود مظـفرا
فالله جـل عـلاه يغـفـر مـا مضى ** تلك النصيحة يستقيهـا من درى
ثـم الـصـلاة علـى النبـي وآلــه ** والصحب ما هب السحاب فأمطر
د. عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل
8 / ربيع الأول / 1444 هـ