شعر الدكتور/ عبد الرحمن بن عبد الرحمن شُمَيلة الأهدل
هنيئا يا نحاة
خِـصَـامُ الأَذْكِـيَـاءِ مِـنَ النُّـحَـاةِ ** أَحَــبُّ إِلِـيَّ مِنْ دَلِّ الْفَـتَــاةِ
وَأَفْضَـلُ مِنْ كُنُـوزِ الأَرْضِ طُـرًّا ** كِتَـابٌ فِيْــهِ مُعْتَرَكُ النُّحَـاةِ
وَشَاهِدُهُـمْ عَلَـى حَـلٍّ عَوِيْــصٍ ** لأَفْضَلُ مِنْ قَصِيْـدِ التُّرَّهَاتِ
وَآيَـاتُ الْكِتَــابِ تُضِيْـئُ نُــوْرًا ** وَتَهْدِيْـنَــا إِلَى أَسْمَــا اللُّـغَاتِ
هِيَ الْفُصْحَى سَتَبْقَى فِيْ شُمُوْخٍ ** سَيَحْفَظُهَا الْمُهَيْمِنُ مِنْ شَتَاتِ
هِـيَ اللُّغَـةُ الْمُنِيْـرَةُ فِيْ سَمَـاءٍ ** عَلَيْهَا التَّاجُ مِنْ حُلَلِ الْحَيَاةِ
أَضَـاءَ الْكَـوْنُ وَانْتَـثَـرَتْ زُهُوْرٌ ** لِحَرْفِ الضَّـادِ مِنْ كُلِّ الْجِهَاتِ
هَنِـيْـئًـا يَـانُحَــــاةُ فَـقَــدْ بَنَيْـتُــمْ ** وَأَسَّـسْـتُــمْ فَـأَكَـرِمْ بِالنُّـحَـــاةِ
شَرَحْـتُـمْ مُبْهَـمًــا فَـغَـدَا جَلِيًّـا ** أَبَنْتُمْ مَـا اخْتَفَـى مٍنْ مُشْكِـلاتِ
وَسِـرْ يَـا طَالِبَ الْفُصْحَى بِـرِفْـقٍ ** وَلاَ تَـرْكَـنْ إِلَـى رَأْيِ الْغُلاَةِ
وَثَابِــرْ مَا اسْتَطَعْتَ بِكُـلِّ جِـدٍّ ** فَـإِنَّ الْفَـوْزَ جَـائِـزَةُ الثَّبَـــاتِ
وَأَكْرِمْ مَنْ أَفَـادَكَ فِيْ عُلُـوْمٍ ** وَلَوْ شَيْخًـا يَمِيْـلُ إِلَى الصِّـلاَةِ
وَلاَ تَسْـخَـرْ بِأُسْتَــاذٍ ضَعِـيْــفٍ ** قَلِيْلِ الْعِلْـمِ مِـنْ كَـلِّ الْجِهَـاتِ
فَخُذْ مِنْـهُ الْيَسِيْـرَ فَفِيْـهِ خَـيْـرٌ ** وَجَانِبْ مَـنْ تَـرَاهُ مِنَ الْوُشَـاة
سَتَبْـلُـغُ مَبْلَـغَ الْعُلَمَــاءِ حَـقًــا ** وَتَنْعَمُ فِيْ الْحَيَاةِ وَفِي الْمَمَـاتِ
النحو سلمك الوضاء
النَّـحْــوُ سُلَّمُــكَ الْوَضَـــاءُ لِلْـعِــلْــمِ ** فَـــادْرُسْ قَـوَاعِـدَهُ بِـالْجِـدِّ وَالْعَـزْمِ
وَاسْبَــحْ بِلُجَّتِــهِ إِنْ رُمْـتَ مَعْـرِفَــةً ** وَخِفْتَ مِنْ عِوَجٍ فِيْ النُّطْقِ وَالْفَهْمِ
فَمَـنْ تَـدَرَّعَ ثَوْبَ النَّحْـوِ مَا وَهَـنَــتْ ** حُرُوْفُ مَنْطِقِهِ فِيْ الْحَرْبِ وَالسِّلْمِ
وَيَشْـرَحُ الدَّرْسَ لَمْ يَشْعُـرْ بِمُنْعَـرَجٍ ** وَلَمْ يُصَبْ فِيْ ثَنَايَا الـدَّرْسِ بِالسُّقْمِ
وَمَنْ تَقَاعَسَ عَنْ دَرْبِ النُّحَـاةِ هَـوَى ** فِيْ لُجَّةِ الْجَهْلِ مَهْمَا حَازَ مِـنْ عِلْمِ
وَمَنْ تَقَمَّـصَ عِلْمًـا غَيْـرَ مُـرْتَشِـفٍ ** قَوَاعِـدَ النَّحْوِ لَمْ يَسْلَمْ مِـنَ الإِثْـمِ
فَالنَّحْـوُ لِلْعِـلْـمِ نِبْـرَاسٌ يُضِيْـئُ لَنَـا ** دَرْبَ الصَّوَابِ وَمِثْلُ الـرُّوْحِ لِلْجِسْـمِ
فَاحْفَظْ فَمَـا الْفَاعِلُ الْمَرْفُوْعُ مُلْتَوِيًـا ** وَلا التَّنَازُعُ صَعْبَ الْغَـوْصِ كَالْيَمِّ
وَالْحَـالُ مُشْتَــقَّــةً تَـأْتِــيْ وَجَامِـــدَةً ** وَالنَّعْتُ يَتْبَعُ مِثْـلَ الْعُمْيِ وَالصُّـمِّ
وَالْحَرْفُ وَالْفِعْـلُ لَمْ يَجْهَلْهُمَـا فَطِـنٌ ** وَمَـابَكَى طَالِبٌ مِنْ حِيْـرَةٍ فِي اسْمِ
تَعَلَّمُـوا النَّحْـوَ يَنْجُـو اللَّفْظُ مِنْ غَلَطٍ ** فَاللَّحْنُ يُلْقِيْ بِكُمْ فِيْ بُؤْرَةِ الْوَهْـمِ
ولقد شفيت من التلعثم
لُغَـةَ الْكِتَــابِ قَـدِ اسْتَقَـامَ لِسَـانِيْ ** فَبَــدَا بَلِـيْغًــا فِيْـهِ كُـلُّ بَيَـانِ
لَـكَنَاتُـهُ انْـدَثَـرَتْ وَلا عِـوَجٌ بِــهِ ** كَــلاَّ وَلا لَحْـنٌ يَهُـزُّ كَيَانِيْ
وَلَقَدْ شُفِيْتُ مِنَ التَّلَعْثُـمِ في الْـوَرَى ** وَوَقَفْتُ أُنْشِدُ فِي أَجَلِّ مَكَـانِ
نَادِي الْفَصِيْحِ أَضَاءَ فِي فَلَكِ الدُّجَى ** لَوْلاكِ كَانَ بِسَاحَةِ الْخُرْسَانِ
أَنْتِ الشُّمُـوعُ تَنَـوَّعَـتْ أَنْوَارُهَــا ** كَمْ أَشْرَقَتْ بَيْنَ السُّطُورِ مَعَـانِ
سَحْـبَـانُ قِـسٌّ وَالْـقُــلاَخٌ وَحَــاتِــمٌ ** وَالشَّنْفَرَى وَالشَّاعِرُ بْنُ جِنَـانِ
وَالزِّبْرِقَـانُ وَكَمْ وَكَـمْ مِـنْ شَاعِـرٍ ** لَوْلا الْفَصِيْحُ لَمَا بَـدَا لِعَيَـانِ
فَاهْنَأْ أَخَا الْفُصْحَــى فَمِثْلُكَ سَيِّــدٌ ** وَلِسَانُ مِثْلِكَ فَوْقَ كُـلِّ لِسَـانِ
إن في الفصحى جمالا
رَسَــمَ النَّـحْـــوُ جَمَـــالاً ** فَـوْقَ حَرْفِيْ ثُـمَّ شِـعْـــرِيْ
فَـبَـدَا الْـحَــرْفُ طَرُوْبًـا ** وَبَــــدَا الشِّـعْـــرُ كَبَـــدْرِ
إِنَّ فِــي الْفُصْحَـى جَمَـالاً ** يَجْـذِبُ الـرُّوْحَ كَسِحْــــرِ
يَـتَهَــــادَى فِــيْ ثِـيَــابٍ ** نُسِجَـتْ مِنْ رُوْحِ طُـهْـــرِ
وَمَـعَــانٍ سَـــالَ مِـنْـهَـــا ** عَسَـلٌ فِـيْ لَــوْنِ تِـبْــــرِ
فَاسْقِنِـيْ مِنْــهُ كُؤوسًـــا ** كَـمْ يُحِـبُّ النَّحْـوَ فِكْــرِيْ
فهل نجا من لحنه
سَأَلْتُ زَيْدًا كَيْفَ حَالُ الأَهْدَلِ ** فَهَلْ نَجَا مِنْ لَحْنِهِ الْمُسْتَفْحِلِ
أرَاهُ دَوْمًـــا يَرْفَــعُ الْمَفْعُـــوْلَ ** وَالْفَاعِلُ مَنْصُوْبٌ فَلَحْنُـهُ جَلِـيْ
وَكَمْ أَتَى بِـالْحَالِ مَرْفُوْعًـا وَلَـمْ ** يَعْلَـمْ بِأنَّ الْحَالَ بِالنَّصْبِ ابْتُلِـيْ
فَــقَــالَ فِـعْـــلاً إِنَّـــهُ ذُو عِلَّـــةٍ ** حِيْنَ يُـغَنِّيْ شِعْرَهُ فِي الْمَحْفِلِ
فَمَنْ أرَادَ النَّظْـمَ بِالْفُصْحَى وَلَـمْ ** يَسْتَوْعِبِ النَّحْوَ ابْتُلِي كَالأَهْدَلِ
* * * * * * * * * * *
لغة الكتاب
عَشِقَ الْفَصَاحَةَ وَالْفُنُـونْ ** فَتَرَاقَصَتْ هَدَبُ الْعُيُـونْ
وَتَـمَـايَـلَـتْ نَـغَـمَــاتُـهُ ** فَكَأَنَّهَا فَــرْعُ الْغُصُــونْ
فَرَحًا بِلَهْجَـةِ يَـعْــرُبٍ ** وَالْحُبُّ يَا خِـلِّي جُـنُـونْ
لُـغَــةُ الْكِتَـابِ مُـضِـيْـئَـةٌ ** وَبِضَوْئِهَـا هُــمْ يَهْـتَـدُونْ
أَنْتِ الْجَـمَـالُ بِمَنْطِقِيْ ** وَالشِّعْرُ دُوْنَكِ صَارَ دُونْ
أَنْتِ الضِّيَاءُ بِخَاطِـرِيْ ** أَنْـتِ التَّحَــرُّكُ وَالسُّكُـونْ
أَنْتِ الْمُنِيْرَةُ فِي الدُّجَى ** لَوْلَاكِ كَمْ ظَهَرَتْ لُحُونْ
تَزْهُـو الْحُــرُوْفُ تَبَاهِيًـا ** أَنْتِ الرَّفِيْعَةُ فِي الْمُتُونْ
كُــلُّ اللُّغَاتِ تَضَاءَلَتْ ** وَلَكِ الْعُلَا عَبْرَ الْقُـرُونْ
* * * * * * * * * * *
ولكن هالني لحن كثيف
أَتَـانِـي شَاعِـرٌ عَـارِي الْبَيَانِ ** وَأَنْشَدَ مِثْـلَ مَقْطُـوْعِ اللِّسَـانِ
وَدَوَّى صَـوْتُهُ كَدَوِيِّ رَعْدٍ ** فَأَسْقَطَ بِالصَّدَى شُـرَفَ الْمَبَانِي
تَغَـزَّلَ فِي هُـدَى بِنْتِ بْنِ كَـرْمٍ ** وَلَيْـلَى بِنْـتِ أَفْـيُــوْنَ الْيَمَـانِي
وَأَدْرَجَ فِي ثَنَايَا الْحَرْفِ نَزْرًا ** مِنَ الأَزْهَارِ مِنْ نَبْتِ الْجِنَانِ
وَلَكِــنْ هَـالَنِـيْ لَحْـنٌ كَثِيْـفٌ ** كَنَقْعِ الْخَيْلِ فِي الْحَرْبِ الْعَـوَانِ
يَجُرُّ مُضَارِعًا وَيَضُـمُّ أَمْـرًا ** وَيَكْسِرُ فَاعِـلاً فَالشَّيْـخُ جَـانِـي
وَيَنْصِبُ كُلَّ مُجْرُورٍ بِحَرْفٍ ** وَبِالتَّسْكِيْـنِ حُـقِّـقَـتِ الأَمَــانِي
وَيُسْقِـطُ جُمْلَـةً وَيُـقِيْـمُ أُخْرَى ** وَكَمْ جُمَلٍ تُصَاغُ بِـلاَ مَعَانِي
يُشَتِّتُ شَمْـلَ إِعْـرَابٍ وَيَـرْمِي ** بِـلَفْــظٍ مُـزْعِـجٍ كَالأَفْـعُــوَانِ
تَطَايَرَ مِنْ حُرُوْفِ الشِّعْرِ قُبْحٌ ** كَـقُبْــحِ الشَّـرِّ مُنْطَـلِقِ الْعَنَـانِ
فَقُلْتُ لَهُ انْتَسِبْ فَأَجَابَ إِنِّيْ ** سَلِيْـلُ الْعُـرْبِ مِنْ قَـاصٍ وَدَانِ
وَجَدِّي الزِّبْرِقَانُ وَبِنْتُ خَالِي ** تَمَاضِـرُ شِعْـرُهَا عِقْـدُ الْحِسَانِ
فَقُلْتُ الْعُرْبَ هُمْ أَبْنَـاءُ فُصْحَى ** وَيَعْـرُبُ جَـدُّهُـمْ شَيْـخُ الْبَيَـانِ
وَأَنْزَلَ رَبُّنَا الْفُـرْقَـانَ يُتْلَـى ** بِـأَفْصَحِ مَنْطِقٍ عَالِي الْمَكَانِ
وَشِعْـرُكَ تَشْمَئِزُّ الْعُـرْبُ مِنْـهُ ** كَـأَنَّـكَ صُـغْتَـهُ بِلِسَــانِ جَــانِ
فَـلَيْسَ لِيَعْـرُبِـيٍّ قَــطُّ لَـحْــنٌ ** وَلَحْنُـكَ هَـائِـجٌ مِثْلَ الـدُّخَـانِ
فَأَغْمَضَ عَيْنَهُ وَاسْوَدَّ وَجْهًا ** وَطَأْطَـأَ رَأْسَـهُ مِثْـلَ الْجَـبَــانِ
وَقَـالَ نَعَمْ فَفِيْ لُغَتِي افْتِخَـارِيْ ** وَفِيْـهَـا رِفْعَـتِـيْ وَعُلُـوُّ شَانِي
وَفِيْ لُغَتِي ازْدِهَـارٌ وَارْتِقَاءٌ ** وَلَكِنِّي اسْتَجَبْـتُ لِمَنْ دَعَـانِـي
دَعَـانِيْ لِلْغُثَـاءِ فَسِرْتُ أَهْذِيْ ** كَأَلْثَـغَ يَقْـرَأُ السَّبْــعَ الْمَثَــانِي
* * * * * * * * * * *