الضرغام
لقاؤك يـا أهيـدل زاد أُنـسـي ** وأسعدني قدومك يوم أمـسِ
فقـد جال الخيال بكل فكـرٍ ** فأيقن خاطري من بعد لبْـسِ
أهـذا صـاحبي حقـاً أراهُ ؟!! ** فدتك قصـائدي وفدتك نفسـي
ذكـرتك بالفصيـح وبـالرواءِ ** تصوغ لآلئاً بجـمـال جـرْسِ
أتيت إلى الفصيح فقلت يـأتـي ** كأني بعد فقْد الخِلّ منسي
عهدتك في السجال تثير حـرباً ** تـذكـرنـي بـذبيــانٍ وعـبـسِ
تمـنـيـت الــبقـاء ولـو لـيـومٍ ** وحـالي حال مطبوبٍ بنـفـسِ
ترقب عودتي في يوم سبتٍ ** لأنهل من فوائـد شيـخ درسي
الأهدل
قصيدك مؤنس كليال عـرس ** أقام بخـاطري وثـوى بحسـي
فـكــم طـرزته درر المعاني ** فوافى مشرقا كضياء شمـس
فسل فكري وكيف بـدا طروبـا ** وكان منغصا في يوم نحس
رفـيـع القـدر يـاملك القـوافي ** علوت وفقت في جن وإنـس
وبعد الأُنس كيف تغيب عنا ** وقد رشق الفؤاد سهام مـس
بـديع سـر رعــاك الله إنــي ** صبور مثل من وقعوا بحبـس
فبارك ذو الجلال خطاك دوما ** فتصبح في النعيم وحين تمسي
الأهدل
دخلت في روضة والورد مفروش ** والزهر من طرب بالضيف منفوش
ناديت يا روضـة جـودي بقـافيـة ** من عسجـد لم ينلهـا قـط درويش
تصاغ أحـرفها من عهـد ذي يـزن ** مدادها الطيف لم يمسك به الريش
إذا تغنت بها الورقاء في سحر ** تـمـايل العـرب للمغنـى ومقديشو
أجـابـت الـروضــة الغـناء قائلة ** الشين في مشيها كبـر وتحريـش
وأنت يـا أهـدلي الجد مـا ملكت ** أفكـار مثلك شينا أنت مغشوش
نعم بـديـع زمـان الكون يملكها ** فذاك شيـخ عليه التاج منقـوش
له على الشين والسينات هيمنة ** ومن روائـعه هـا أنـت مـدهــوش
صبرا قليلا ستلقى الشين خاضعـة ** ورأسهـا بيراع الشيـخ مفقــوش
ألم تجد أختها من قبل قد خضعـت ** والوجه من ضربة بالسوط مخدوش
فقلت صح وربي ما نطقـت به ** وعـكـس ذلك بهـتــان وتـشـويـش
الضرغام
قد جئت في روضتي والعقل مدهوش ** أصاحبي قد أتـى أم فيّ تشويـشُ
فقـلت فـي حـكمـةٍ : الشعـر يكشفـهُ ** إن كان ذا صاحبي أم ذاك مغشوشُ
ألقيت في بركـةٍ صخـراً لأسبرهـا ** فلاح لي وجهـه والسـر منقـوشُ
فـي نظـمـه ألَـقٌ يـحـلــو لسامـعه ** قوله قد أتى .. ما الشعـر ملطـوشُ
زدنا مـن الشعـر أوزانــاً تؤنسنـا ** إن كان في شعرنا يا شيـخ تغبيـش
نظـرت منـذهـلاً … أرنـو لقــافـيــة ** والذهن من عَجَبٍ يا خـلّ مربـوشُ
رأيت في جملة المحبوب إذ نظرتْ ** عيناي شطراً وفي الألحاظ ترميشُ
[صبراً قليلا ستلقى الشين خاضعةً] ** فصغتها عَجِلاً والصعـب مفشـوشُ
العقل ساعـدنـي والـذهـن أسعفني ** ما كنت ذا خفّـةٍ يُغويـه تحـشيـشُ
إن الضراغم تشـدو مثـل صادحـةٍ ** قد زانها فوق غصن البانـة الريـشْ
الضرغام
ما بين القوسين هي أبيات الدكتور ( الأهدل )
[دخلت في روضة والورد مفـروش] ** والمسك طـيّبها والعطـر مرشـوش
تضوّع الطيب في أرجـاء روضتنا ** [والزهر من طرب بالضيف منفوش]
[ناديت يا روضـة جـودي بقافيـة] ** قد صـدها عن بحور الشعر تهميش
قلائد الشعر في صفْحـات روضتنا ** [من عسجد لـم ينلها قـط درويـش]
[تصاغ أحرفها من عهـد ذي يـزن] ** قد كان يشبهها في الظرف قرقـوش
أوراقـهـا فـضّــةٌ لاحـت لقــارئـهـا ** [مدادها الطيف لم يمسك بـه الريش]
[إذا تغنت بها الورقاء فـي سحــر] ** تـخــالهــا عـاشـقٌ والسـر مفـشـوش
إن قـام صـادحـهـا يُعلـي عقيرته ** [تمايـل العـرب للمغنـى ومقديشـو]
[أجـابـت الـروضـة الغنـاء قائلـة] ** ما حرفكم كدروب البيـد موحـوش
لا تجعلوا الحرف سـدّاً عاتيـاً أبـدا ** [الشين في مشيها كبـر وتحـريش]
[وأنت يا أهدلي الجـد مـا ملكـت] ** عصاك من وَهَنٍ فالحرف مهـشوش
إن كنت ذا رقّـةٍ فينـا وقـد كتبت ** [أفكار مثلك شينا أنـت مغشـوش]
[نعم بديع زمـان الكون يملكها] ** إن كان يفقدها في النـاس مربـوش
والشعــر مملكـةٌ للأهــدل امتثلـت ** [فذاك شيخ عليـه التـاج منـقـوش]
[لـه على الشين والسينـات هيمنـة] ** ومعـجـم الشيـن للنحـريـر منـبــوش
روائع الشعر تعلـو ثغـر صـاحبنا ** [ومـن روائعـه هـا أنـت مـدهــوش]
[صبرا قليلا ستلقى الشين خاضعة] ** قـد قالهـا وجَـنَـان الخـل مـربـوش
دانت لـه قافيـات الشعـر راغمةً ** [ورأسهـا بـيـراع الشيــخ مفـقـوش]
[ألم تجد أختها من قبل قد خضعت] ** واليوم تُخضعها والحـرف منـكـوش
أتتـك ناصيـة الأشـعـار طائـعـةً ** [والوجه من ضربة بالسوط مخـدوش]
[فقلت صح وربي مـا نطقـت به] ** إن ضيعَ الأبـلـهَ المخبـولَ تحشيـش
الشعر مـن ثغـره كالوبل منهـمـرٌ ** [وعكـس ذلـك بـهـتــان وتشـويـش]
الأهدل
ضرغامُ أندادك الأفذاذ منك ذووا ** وحـاسدوك بعمـق الشعلتَين هووا
وهل لمنهزم في الروض منقبة ** هم عانـدوك وكـم أقصيتهـم فأبوا
بديـعُ شعـرك لا يلويه مفتخر ** وشعر غيرك أقزام القصيـد لووا
فاهنأ بمرتبة فـوق النجوم وهل ** يرقى رقيك مَن قبل الوصول ثووا
رميت شِيْنًا بسهم الفكر فامتثلت ** ولم تصبهـا سهـام الغير حين رموا
بعض القوافيَ بالإحجام مغـرمة ** ومن مهـابتكم كـل الحـروف أتوا
أتوا سراعا فكم من مَهْمَهٍ قطعوا ** من شدة الخوف أميال الطريق طووا
ساروا ليال وأياما وما وهنـت ** عزيمة أو عن الـدرب السليم غووا
لولا مخافتكـم حطوا رحالهـم ** بعد الوهى والونى والغانيات شووا
لكنهم آثـروا مشيا على رغـد ** فقـط أقامـوا بنـهـر فارتووا وروا
عليك مني سلام الله ما سجعت ** حمامة فوق غصن والحجيج سعـوا
الضرغام
يا ناصع الحرف إن الشعر منقبة ** إن كان سهماً على الأنذال حين غووا
أو فسحـةً لفصيــحٍ جــاء يبعثـه ** بين الرواة فإن ألقى القريـض رووا
أو رافعاً ثمنا للصخـر فـي زمنٍ ** تلقى اللئام به مثل الكـلاب عـووا
أو مَنفساً لسقيـمٍ صـاح مـن ألـمٍ ** أعيا دكاترةً ..مثل الصروح هووا
يا ساحر اللفظ أنت الشاعـر الهزجُ ** أخلاقك امتلأت والحـاسدون خـووا
فشعركم سائرٌ فـي الأرض يقطعها ** كالجائلين رحاب الأرض حين طـووا
قد جئـت أطرب مشتاقـاً لقافية ** لو كان يسمعها أهل الـدروب ثـووا
يا صافـي الـود إن القلب يألفكم ** والفعـل يكشف عما الصادقون نووا
الأهدل
ما بين القوسين هي أبيات الأستاذ الفاضل ( الضرغام )
(يا ناصع الحرف إن الشعـر منقبـة) ** ينالها الحبـر أمـا الجاهلـون كبـوا
تمــر فــوق سـمــاء القــوم داهـيـــة
(إن كان سهماً على الأنذال حين غووا)
(أو فسحـةً لفصيـحٍ جــاء يبعثـه) ** لـزمــرة مـسهـا مـا ضـرهـا فنـأوا
لا تـصـــغ أذْنـــا لأنـبـــاء مـلـفـقــة ** (بين الرواة فإن ألقى القريض رووا)
(أو رافعاً ثمنا للصخر في زمـنٍ) ** يزهو المزيف بالألوان حين طلوا
لم تلق روحي سوى لؤم وما برحت ** (تلقى اللئام به مثل الكلاب عووا)
(أو مَنفساً لسقيـمٍ صاح من ألـمٍ) ** ورام ذا نـجــدة فـالأشقيــاء أتــوا
فـيـا لِـهَــمٍّ تــداعـى فـي خــواطــره ** (أعيا دكاترةً .. مثل الصروح هووا)
(يا ساحر اللفظ أنت الشاعر الهزجُ) ** وإن أصلك من قوم سموا وعلوا
ضرغام سرت إلى العليـاء مرتقيـا ** (أخلاقك امتلأت والحاسدون خـووا)
(فشعركم سائرٌ في الأرض يقطعها) ** فالقوم أطربهم ما صغت حين رأوا
يـمــر فـي فـلـك الأفـكــار مـؤتـلقــا
(كالجائلين رحاب الأرض حين طووا)
(قد جئت أطرب مشتاقاً لقافية) ** ما صاغهـا شاعر ممن مضوا وخلوا
كأنها الشهـد فـي سمعي وذاكرتي ** (لو كان يسمعها أهل الدروب ثووا)
(يا صافي الـود إن القلب يألفكم) ** فـأنت أنـس لأفــكـاري أُخَــيَّ فلـو
نويت هجرا فـلا تترك مراسلتي ** (والفعل يكشف عما الصادقون نـووا)
الأهدل
ضرغام إني بواد منحن بكُدَيْ ** أجوبه فـوق مهـر الأهدلِـيِّ عُـدَيْ
عَلِّـي أصادف خريتا فأسألـه ** عن مَـن أحب فيرتـاح الفؤاد شُـوَيْ
فالشوق أقلقني والنأي أزعجني ** وأنت قـاس ولا يومـا عطفت عَلَيْ
ضرغـام منزلنـا يـبـدو كمنتـزه ** أمـام قصر لعبد الله صنـو لـؤي
فإن نويت تحج البيت منفـردا ** أو اعتمـرت فلا تبخـل علـي بُنـي
فإنني في انتظار ما بقيـت على ** قيـد الحيـاة وبعدي إن فنيـت قُصـي
فـهـل تـحقـق أمالـي وتمنحنـي ** زيـارة ألتقـي الضرغـام بيـن يـدَيْ
أم أكتفي بخيال منك يتبعني ** في روضة الشعر لا جسم يمر لدَيْ
عليك مني سلام الله مـا تليـت ** ضرغـام إني بـواد منـحـن بِكُـدَيْ
الأهدل
ضرغام مالي إذا أنجزت قافية ** أراك في حـيرة منها وتنطـق وَيْ
فهل بها خلل والشعر مبتذل ** وهل رأيت لساني قـد أصيب بِعَيْ
فأنت ذو خبرة في الشعر فائقة ** فقل بربك هل مـس القصائد شيء
فحرفها عربي حـسب معرفتي ** ووزنها لم يصـب في الوجهتين بلَيْ
فاستر قصائد لا تنشـر مثالبهـا ** ولا تذع عيب حرفٍ في الشباب أخي
ولا بنـاد فـإني بـت فـي خجـل ** ولا تـزج بهـا في المكتبـات بحـي
شعري تُوُفِّيَ في فكـري بحـادثة ** وشعـركم بين أشيـاخ القبـائـل حَيْ
هزمتم الشعر في الأقطار قاطبة ** فاجمع غنـائمكـم كل القصائد فيء
الضرغام
إن مدّ لي خالقي في العمر فانتظروا ** لعل راحـلتي تطـوي المهامـه طـي
لو تكْبُ راحلتي لن أنثنـي أبـدا ** فالشوق يحملني نحـو الفتى بكـدي
والعـزم منعقدٌ في القلب ما نبضتْ ** روح الحياة وإنْ أُبْطـئْ فلستُ بحـي
يـا أيهـا الشاعـر المحبـوب مـعـذرةً ** إن كان بي قسوةٌ فالحقُ صـار علي
وفـي حـروفـك سـرٌ زادنـي ألمـاً ** منطوق شعرك مفهومٌ يلوح لـدي
كمـا ابن ساريـة العـرباض أحــزنـه ** سرٌ تبدّى .. رعاكم خالقي لقصـي
شـعـابُ مـكـة سـرٌ لسـت أعـرفــه ** لكن خريطة وصف القصر بين يدَيْ
إذا خريتٌ لـه في الشعـر مـعـرفـةٌ ** فضعف أجر خريتٍ قد بدا فيه عـيْ
الضرغام
ألـمٌ يخـالطُ مُهجـتـي وسُهــادُ ** والحزنُ سـوطٌ والأسى جلادُ
لو كنتُ أصمتُ فالجوى متسترٌ ** لكن يذوب بمهجـتـي الإنشـاد
الدمع قصـةُ صـامـتٍ ونـشيـدهُ ** والصـبّ في الأسـقام ليس يُعادُ
من ضاع بين سقـامهِ وصـبابـةٍ ** فالداء ينهـشُ جـسمهُ .. وسعـادُ
يا ليتني مثل الجـنادل في الفلا ** لا الخـلّ يعـرفنـي ولا الحسّـاد
قـد بـتُّ أمسـح مقلتي ومدامعي ** مثل السحابة والخـدود وهـادُ
كُفّي الملامـة فـالفـؤادُ مـمـزقٌ ** والنجم سامـرني وغاب رقـادُ
فحملتُ رحلي والدروب تُقلني ** ما لاح لي خلف القفار بلاد
فنصبتُ خيمـة غربتي متـألمـاً ** قد كدتُ أهلك فالنوى إجهاد
وبقيتُ أرقب صاحباً ومسامـراً ** حتى تبدّى في الدروب سـواد
يا أنتَ قفْ فالقلب في إعيائـهِ ** يبغي الأنيس فهل أتى الميعاد
ونظرتُ في عجبٍ ففيه ملامـحٌ ** عــربـيـــةٌ وتــفـــرّسٌ وقّـــاد
ودنوتُ أسألهُ … فكان مـؤثلاً ** تعلو به الأحـساب والأجــداد
ولسانهُ يحـكي القصائـد ثـرّةً ** فاستنطق القلبَ الصموتَ جوادُ
يجري بمضمار البيان مسابقـاً ** وشـوارد اللفـظ العسير تُـقــادُ
ساق الشوارد مثل درٍ لامـعٍ ** قـد زاد فـي تحـسينه الإنضـادُ
سرْ فـالبيانُ مسخـرٌ ومـذلّـلٌ ** أنــت الكـبـيـر وكـلـنــا أولادُ
الأهدل
أسَــد الفــلا بـيـراعــه يصـطـاد ** زين القوافي عاشت الآسـاد
نظم اللآلئ في خيـوطِ روائـعٍ ** فبدت روائع دونها الأمجاد
ما خُـط قـبلك يـا بـديع زمـاننـا ** حرف كحرفك هابه الأنداد
فخرت بك الأعراب وهي فصيحة ** وتمايلت طربا بـك الأجداد
والروضـة الغـنـاء ضـاء جـبينهـا ** وزها مـديروها وهم أسياد
* * * * * * * * * * *