الضرغام
رأيت حـروفك تسمو جمالاً ** فقلت الفتى عـارفٌ بالأدبْ
تأملت وجـهك حتى ذُهـلتُ ** كأني بشيخي فيا للعجـبْ
أحـقـاً بـأني لـقيت أديبـاً ؟ ** ترقّى فأحـرز أعلى الرتبْ
فـقيـهٌ أديبٌ … لـه هـيبـةٌ ** شريفٌ وربي إذا ما انتسبْ
فهل أخطأ الحدس يا صاحبي ** أجبني بربك كي نصطحبْ
الأهدل
أَضرغامُ أنشبت في مهجتي ** مخـالب حُـب فـأيـن الهـربْ
وصغتَ من الدر أنشـودة ** بلون الزهـور وصفـو الذهـبْ
تخيلت أني ببحر القصيـد ** مُـحـاط بشتى فـنــون الأدبْ
فيا عجـبا يا بديع الزمـانِ ** وشيخ المعاني وروض العنبْ
علوتَ علـى منبر المبـدعين ** وأصبحت فينا عزيز الطلبْ
الضرغام
نزلـت بدارك لـم تبـتـعـدْ ** وجـئت لأهلك لم تغترب
وإني وربك أهوى السكوت ** فجئت لتُنسيَ همّ الوصبْ
سأنطـق مثـل زمـانٍ تـولّـى ** فمثلك يُـنطق أهل الأدبْ
الأهدل
يراعك في الشعر عالي الرتب ** فـأنت الأديب وأنت الأدب
وأنت السحـاب يصـب المعاني ** وأنت مع الحرف شهد يُصب
وأنــت الــورود بــألـوانـهـــا ** وأنت النسيم وماء القصـب
فهـل يـرتقـي شـاعـر للـذرى ** كمثـلك يـا شـاعرا منتـخـب
الضرغام
لآل شميلة أهـدي التحايا ** فنعـم الأرومة نعم النسبْ
فـأنت سليل رسـول الأنـام ** وأهلك صيدٌ أُباةٌ نُـجُبْ
عرفت بديع الزمان وإني ** سعيدٌ بضيفٍ يلبي الطلبْ
فشكـراً لداعيك للمنتدى ** وإني لأهديك في الله حُبْ
الأهدل
سأنثـر في المنتدى لؤلؤا ** سـأنـشــر طـيـبـــا يـزيـــح الـتـعــب
سأجعل حرفي هنا عسجدا ** سـأنـظـــم شـعــرا يـثـيــر العـجــب
ومــا ذاك إلا للقيـا بديع ** خــليـل الـفـــؤاد ويـكــفـــي ســبـب
نـديـم قـديـم رزين فطين ** وفي الشعر شمس الضحى في العرب
الضرغام
قالوا : تهيـمُ ؟ فقلت : الصب ولهـانُ ** قالـوا : محالٌ .. فقلت الدمع برهـان
أخفيـتُ شوقـي عفـافـاً قـبـل ظعنهـمُ ** حتى أثيرت غـداة البيـن أحـزانُ
وفجّـر البين قلبـاً ذاب مـن حَـزَنٍ ** فثـار في مُهجتي للنـأي بركـان
قـطعـت وادي سهـامٍ يـوم بيـنـهـمُ ** ما خلّفـوا أثرا للركـب إذ بانـوا
بـكيت بعد النـوى والدمـع يخنقـني ** كـأن دمعيْ على الخدين أشطان
وسرت مـن آنـسٍ أشـدو بقافيـتـي ** حتى احتوتني مع الإصباح وعلانُ
فـي سامـكٍ تـارةً بالـرجـل أقطعـهـا ** وعـافـشٍ تـارةً والـعـقـل سـرحــانُ
جبت البلاد لعل الركب قـد نزلـوا ** حـراز أو نزحـوا والقصـد خـولانُ
مـرّت سنينٌ وعقلي بعدهم خَـرِفٌ ** يا ليت شعري أيبقى البين أزمـان ؟
حتى أنخـت ركـابـي فـي مـراوعــةٍ ** في حيـسَ إذ بـدا في السوق شبّـانُ
قالوا : غريب ؟ فقلت : النأي أرهقني ** قالوا : أقـمْ .. فجميـع القـوم إخـوان
يا أيهـا الأهـدل الشادي أتذكرهـم ؟ ** وتذكـر السوق والضحـي إذ كانـوا
هل تذكر الجامع الميمون يجمعهم ؟ ** ومجـلـس العـلـم بالطـلاب يـزدانُ
محمدٌ .. أكنت يا شيخـي تواصلـهُ ؟ ** أعني ابـن أحمد ( شيخٌ لهُ شـانُ )
أرافـقَ الشـيــخَ منـا طـالـبٌ فـطــنٌ ** فـي مجلس العـلـم بالدرس نهمـانُ
في “ملحـة الإعراب” إذ كان يدرسهـا ** أم قد طوى عهدهم يا شيخ أزمانُ ؟
الأهدل
يا حادي الشوق إن الحـب أشجــان ** وحب أهل الصفا روح وريحان
هـلـم نـكـتـب للـبـدر المنـيـر عـلـى ** رسـالة وصـلت والقـلـب فرحـان
جـاءت منسقـة كـالـدر في صـدف ** كأنما خطها ذو البشـر رضـوان
أكــرم بـقــائـلهــا أنـعــم بـكـاتـبـهـا ** فـإن قلـبي بـه يـا صـاح ولهــان
أعني بديع زمان الكـون مـن جعلت ** لـه الفـضــائـل والعـليــاء عنـوان
فكـم سـررت بمـا أمـلاه من درر ** فشعـره لـؤلـؤ والنثــر مـرجــان
شفــاه ربـي شـفـــاء مـن تــألـمـه ** فذاك فـي المنتـدى نـور وتبيان
ذكـرت واد له فـي القلب موقـعـه ** وبلـدة في سـمــاء الكـون ألحـان
أراك ممـتـطـيــا مـهـــرا بـمـهـمــة ** تجوب في الأرض لا يلويك كسلان
وصلت حيسا وجلت السوق في غلس ** وما اختفت عنك في الأسفار خولان
تـركـت أهـدل مـحـتــارا بـقــافـيــة ** لم يكتشـف سرهـا إنس ولا جان
خـذ الجواب وزد يا رفقتي فصلوا ** مـحبكـم فـانـقطـاع الحبل هجران
وطاردونـي بمـا تبـدون من نـغـم ** فـأنـتــم الأسْـد والأنــداد غــزلان
أنتم بحار قصيد الشعر ما نضـبت ** بحاركم قـط مهما صال شيـطان
فأنت في روضة فاغرس بها دررا ** وابشـر فـإن ثـمار الــدر إحسان
عليك منـي سـلام الله ما بزغـت ** شمس وما عرست في الليل ركبان
الضرغام
طـاف الخيال بلُبّي بعدمـا بانـوا ** فـانـتـابـنـي حَــزَنٌ والـقـلـب صديـانُ
ما كنـت في يَمَـنٍ أشـدو بقافيتـي ** ولا حـوتنــي مـــع الأيــام خــولان
كـلا ولـكن لنـا بالشعـر ملحـمـة ** كـالطـيـف أنـسجهـا والسحـر ألـوان
ضربٌ من السحـر لا نظـم أنمقـه ** إن فـاض من شفتـي فالشعـر بركـان
حاولت كبت قريضي كلما رجفـت ** – مثل الزلازل في الأحشاء – أحزان
قد كنت أسكت لكن أحرفي انسكبتْ ** هل صـاغ قافيتي للنـاس شيطـان ؟
أعـوذ بالله من شعـري ومن لغتي ** إن كـان في لغـة العشاق عصيـان
قد كنت كالصخر لا أشدو بقـافيتي ** ما لان يومـا مـع الضرغـام ألحـان
لكن فلقـت القوافي من حجـارتنـا ** مثل الكليم لـه فـي الضرب فرقان
ضربت قلبـي بأشعـار لها انبجسـت ** هـذي القـوافـي وإنـي اليـوم نشـوانُ
أزجي إليك قريضـا أنـت باعثـه ** قــد جـئـت تـرمقـنـي فانـهـد كتمـان
كيف السكوت يلاقي عندنا سَكَناً ** ما دمـت في حضرتي فالسر إعـلان
أنطقت حرفي وقلبـي واجـم دنـف ** عـقــدت لـي عُـقَـداً والشعـر فـتـان
إن الأهيـدل أحيـا نبـض قافيتـي ** والشعـر مـن ثغـره – والله – مـزدان
الأهدل
أروضة أنت أم شمس وكيوان ** أزهرة الورد أم روح وريـحـان
أأنـت مكتبـة في الشعـر ساطعـة ** أم أنت في الأدب المحبوب ديـوان
نسجـت مـن لـؤلـؤ تاجـا يكللـه ** معنى بديع وأمـا الحرف مرجـان
فكـم تغنى به العشاق من ولـه ** وكم تراقص من ألحانـه الجان
أنت القريض وأنت الشعر مزدهيا ** لنظمكم صـار من في الكـون آذان
لله درك يـا ضـرغــام أرعـبـنـي ** ركـض القوافي ولفـظ فيـه بركـان
فأنت عنـتـرة العبسي إن حميـت ** نار الوطيس وفي الأشعار قحطان
وأنت أفصح من قس بن ساعدة ** وأنـت في لغة العربـان سحبـان
فلو رآك جرير ذاب مـن خجـل ** وطأطـأ الرأس هـمـام وذبـيـان
أتى قريضي إلى عـليـاك معترفـا ** وهل يناطح أسـد الغـاب غـزلان
فسـر حـثيثـا إلى العليـاء مقتفيـا ** آثـار أهل التقـى والشعـر ألـوان
فانظـم قصائد واجعلها مطـرزة ** بـكــل فـائـدة يبـقـى لـهـا شــان
وانصر نبيك وابذل كل غالية ** فـإن في نصـره للقلـب إذعـان
صلى عليـه إله العـرش ما قرئـت ** أروضة أنت أم شمس وكيـوان
الضرغام
تَوَاضُعُ الشيخ أعلى من منافسةٍ ** قد فاز فيها وإن الشيخ ديـوانُ
لله درك مـن شهـمٍ ينافسني ** إن التواضع للضرغام إحسـانُ
إن قال قافية فالشعـر يألفـهُ ** أو يلق صاحبـه فالحب عنـوانُ
الصدق ديدنه والحـق منهجهُ ** يا ليتنا في جنان الخلد إخـوانُ
* * * * * * * * * * *