جمال حسني الشرباتي
أنا أختفي خلف دمع العيون ** أُعاني الرزايا وظلم البشر
فيا ناس كفّـوا فإن الحـيـاة ** شقاءٌ وبؤسٌ ولا تُنتظـر
البحتري
تظلُّ الدموعُ ونبضُ القصيد ** شُراعَ محبٍّ علاهُ الكدر
حياةُ الشقاءِ وبؤس الحيـاة ** سهامٌ رمتهُ عيونُ القدر
وكيدُ الحسانِ وظلمُ الزمان ** مِدَقٌّ يدكُّ صمودَ الحجر
الأهدل
أليس الحيـاة كطيف المنام ** يمر كظلٍ ووهْـم الفِكَـر
وقلبٌ شغوف وينبض حبا ** بطيـفِ خيـالٍ لمنبع شر
عصام البشير
إذا كنتَ تَنشدُ عيشا هنيـاًّ ** صفت عيْنُهُ عن قذى أو كَـدرْ
فأورِد مطايا العزيمةِ نبع ** التُّــقى ؛ حبذا وِردهُ والصَّـدَرْ
الأهدل
وطر في سماء ودر خلف شمس ** تسربل بضوء البها والقمر
فــإن الصـفــاء لسـر الـنـجــاح ** وروح الهدى وسبيل الأَبـر
جمال حسني الشرباتي
أنا أنسحب من نزال العظام ** رجال القوافي وشتّى الفكر
فيا قوم إنّي خفيفٌ ضعيف ** إذا رمت نصرا فلن أنتصر
الأهدل
عُظَام بضـم وليس بكسـر ** فشكـل لتـوضيـح لفـظ نـدر
وأنت على الشعر مستحوذ ** تربعت عرش القوافي الغرر
عصام البشير
أُكافِئُ بالودِّ ناقِض عهـدي ** وبالوصلِ أجزي حبيبا هَجَرْ
أقايـضُ خيـراً بشرٍّ ، وكـلُّ ** امْــرِئٍ مُنفقٌ ما لديهِ حَضَرْ
الأهدل
وكم من محب ثنى عطفه ** وأدبـر كبـرا بـتيـه البطـر
فأهـديته بسمة الإبتهـاج ** وورد الصفاء فحلمي انتصر
عصام البشير
تعلَّـقْ بِشُمِّ المعالي شُجـاعـا ** ولا تُـرْعِ همـك بين الحفـرْ
وفي خالدٍ إذ قضى في فراشٍ ** لأهل التوجُّس كُبرى العِبرْ
الأهدل
ويوم اتفاق الطغاة العتاة ** على قتل طـه النبي الأغـر
فحيدرة نام فوق الفراش ** وسيف المنايا كبرق المطر
عصام البشير
ألا كلُّ حيٍّ إلى الموتِ يغدو ** وبعد الممـاتِ شؤونٌ أُخَـرْ
فشمِّرْ لنيلِ الجنانِ ، وكيْ لا ** يمَسَّك حرُّ اللظى في سَقَـرْ
الأهدل
وأد الحقوق وطر من شقاق ** وهل يركب الحر مهر البطر
وسر في طريق مضيء منير ** فدرب الغـواية بئر الخطر
شاطئ المرح
شكوت الحيـات فما حيلتـي ** ضعيفُ هزيـلٌ كثيرُ العبـر
رسمت الحياة على مهجتي ** فما العيش إلا حياةُ الصغر
شاطئ المرح
نظمتٌ القصيد على أنني ** بفهم العروض ضعيف النظر
فلا النحو أعلم عن سـره ** فـإنــي أراه عـظـيـــمٌ أمـــر
الأهدل
أتشكو وأنت السحـاب الذي ** يدر قصيدا كشكل المطر
وتـرسـم لونـا بـديـع الجـمـال ** كطفل رقيق بوجه أغر
حفظت العروض ونحو النحاة ** فأنت الملقب زين البشر
فللــه درك مـــن شــاطـــئ ** فسيح وسيـع كمـد البصر
شاطئ المرح
بديعٌ بقولك مد البصـر ** عجيبٌ لأمرك زين البشر
ولكن جهلت على أنني ** بجنبك أُصبح عديم الخبـر
الأهدل
أيا شاطئا نلت كـل الوطـر ** وسدت على بدوها والحضر
نظمت اللالئ وقت الأصيل ** فجاءت كحسناء بين المطر
أبو خالد
سنبقى نعيش بلا راحة ** وخلف الهناء نقص الأثر
وتخطئ أحلامنا دربه ** وننسب أخطاءنـا للقـدر
شاطئ المرح
تلعثم شعري في خاطري ** وأيقنت أني رذاذ المطر
فماذا أقول لأهـدل إني ** أراك جميلاً بنظم العبـر
الأهدل
بنى خيمـة من جلود البقـر ** ويلبس صوفـا وشعـر الوبـر
ويركب مهـرا من الصافنـات ** ويحـمـل سيفـا يقـد الحجـر
ويسري مع الأسد عند الظـلام ** ويكره ما اعتاده ابن الحضـر
كريم مع الضيف عند القرى ** يفي بالعهـود سديـد النظـر
نظمت من الشعر مقطوعة ** فـأنشـد شعـرا من المبتكـر
فألفيت شعـري شديد الونـى ** أمـام قصيـد تسمـى الغـرر
مـعـان طـواهـا علـى عسجــد ** من الأحرف المنتقى من درر
فيـا شاعـر العُـرب حيـرتنـي ** بشعـر يـفـوق بـديـع الصـور
قـرأت قصيـدك عنـد الصبـاح ** وعنـد المساء ووقـت السـحـر
مـكـر مــفــر كخـيـل الـفــلا ** وما مسني من حلاها ضجـر
أيـا شاطـئـا مـارحـا مـازحـا ** عليك سلام بـعـطـر الـزهــر
وضيفـك في المنتدى فــارس ** أبـو خالــد شـاعـر مـعـتـبـر
يصيغ من الشعر لون الصفـا ** وأمـا المعانـي فضـد الـكــدر
ولا تنس في المنتدى شاعرا ** قــوافـيــه مـنـعـشـة للـفـكـــر
محـمــدُ أنـت امــرؤ حــاذق ** أبــوك سـعـيــد وأنـت القـمــر
فنـادوا جمـالا أبـا المبـدعـات ** وهاتـوا عصامـا أخانـا الأبـر
هما روضة من رياض القصيد ** وروض المعاني بلون المطر
شاطئ المرح
ألا فض فوك بطيف الأثر ** نظمت قصيداً يفت الصخر
أأنت جريـر زمانك إنـي ** أراك تداعب عبـق الزهـر
الأهدل
نثرت اللآلئ نـثـر المطـر ** وأغدقت بالشعر دوح الفِكَرْ
فمالت قلوب كميل الغصون ** وغنـت مدلّلة في السحـر
بديـع الزمـان
بديع الزمـان أتى راكبـاً ** حصان البيان ليُلقي الدررْ
أسوس المعاني فلا تنثني ** لترقص في أمسيات السمرْ
ولولا الحيـاء لكنت كمَـنْ ** يهيـم بليلى إذا ما شَعَــرْ
الأهدل
بديع يصوغ من الدر شعرا ** فأبدع حتى ارتقى واشتهر
أتى راكبـا فوق مهـر البيـان ** فصاد المعاني بوهْج الفكر
وينسج من زهـرة الأقحـوان ** قوافٍ حسانٍ لحفل السهر
بديـع الزمـان
أتيت أُحيي الفتى الأهـدل ** وثغـري تبسم رغـم الكـدر
لأني لقيت ربيب المعاني ** فأنسى فؤادي العنا والضجر
رأيت القوافي لـه رُوّضت ** كرهـن الإشارة لومـا أمـر
الأهدل
وحيا الإله بديع الزمان ** وصاب فناه غزير المطـر
بديـع تصـدّر للمبدعـات ** فحـاز العـلا بيننـا واستمـر
تحلى بأبهى صفات الكمال ** وزين الفلاح وحسن السير
يــدر المعـانـيَ فـي حـلّــة ** مطــرزة باللآلـي الـغـــرر
فلله درك زيــن الـــورى ** وللّــه درّك – لـلّــه در
بديـع الزمـان
ألــمّ خـيــالٌ جمـيــلٌ أغــــر ** يفـوق سنـاه محـيـا القـمـر
فأضحى التذكـر يضني فـؤادي ** وهاج اشتياقي لأحلى البشر
يسيل على الخد فيض الدمـوع ** ترقرق بعد النوى وانحـدر
وقـال صحـابـي تصبـر قليـلا ** وزادوا ملامي فلـم أنزجـر
وقالوا بديع الزمـان مصـاب ** بمس من الجـن أو قد سُحـر
أأخفي هواك وأبدي اصطباري ** فما عنك أسلو ولا أصطبر
فليـت فــؤادك مـثـل فــؤادي ** فقلبـي يكـاد لـكـم ينفطــر
وقلبـك صلـبٌ شديـد المـراس ** وقد رق يوماً لقلبي الحجر
الأهدل
ويـلـمـع فـي المنـتـدى بــارق ** بديع عجيـب بحسن ظـهـر
تـضـوع مسكـا وشـع سـنـاء ** ويقذف مِن فِيه شعر العبر
دع الحرف فيه جمال الزهور ** وفي اللفظ معنى كعزف الوتر
عشقت القصيد ولحن القصيد ** ولـولا بـديـع كرهـت السمـر
فهيـا اطرب الكل في المنتـدى ** فشعـرك يطـرب منـه الحـجـر
هل الشعـر إلا سلـو اللبيـب ** وسكـر الأديـب وزيـن الخـبـر
هل الشعر إلا غنـاء المغنـي ** وسيف السميدع حين افتخر
فلـولا القصيـد لما ذاع صيـت ** لعمرو وصخـر ولا من غبـر
أزف سلامي لشيـخ القوافـي ** وأهديـه شعـرا مـن المبتكــر
بديـع الزمـان
رمتـني بطـرف ولم تعتـذر ** فأودت بقلـب بـدا يحتضـر
وكنت ذكيـا فصيـح اللسان ** وما عدت إلا كبعض البقـر
وكنـت ثريـا أنـام الضحـى ** فأصبحت بعد الهـوى مفتقـر
كــذاك المتيــم يـا إخـوتــي ** كثيـر العنـاء يُـرى محتـقـر
فما اللب يبقى إذا القلب يهوى ** ولا الطبع يبقى كطبع البشر
الأهدل
دع الغوص في لجة الغانيات ** وإلا أصـبـت بـسهــم أمـــر
وسهم العيون كسهم النبـال ** إذا زيـن العيـن ذاك الـحـــور
فمجنـون ليلى هــوى لـجــة ** ولم ينـج حتـى أتـاه القـدر
فبحـر الهـوى همـج هـائـج ** ومـوج الهوى حقبة ما فتـر
فلا ترم نفسك في الهاويـات ** وإلا غـرقـت وأيـن المـفــر
طريق السلام اجتناب الهوى ** ودرب الهـوى مؤذن بالخطر
بديـع الزمـان
بأرض الحجاز لنا إخوةٌ ** وإني – وربي – بهم أفتخرْ
وأعلن حبي لهم في الملا ** فتـلك فـروع لخيـر البشـرْ
فهل يرجع الشاعر الأهدل ** لبيت الرسـول ومنه انحـدر
الأهدل
سلام على شاعــر معتبـر ** ملـئ بعلـم سديـد النظـر
عـلا قـامـة فـوق أنـداده ** وفاق بحسنِ بيان الخبـر
توغل في العلم حتى انتهى ** إلى قمـة بـعـد ذاك اشتـهـر
يمـر على سيرة المصطفى ** وآل وصحـب ليقفو الأثـر
تعلـق بالمصطفـى قـلبـه ** شغوف بآل الرسول الأغر
أحب الأهيدل حب الملاح ** فأهدل من نسل طه الأبر
إلهـي بديع حبيب ودود ** وأنت رحيم فنله الوطـر
وإني إلهـي ابتليت بذنـب ** ولا نسبٌ نافع يوم حــر
فجد لي بعفو فأنت كريـم ** وإلا فمــن لعبـيـد غــدر
بديـع الزمـان
أصولي بــقوم لـهم همـة ** تخوض غمار الوغى والخطر
ففي كـل شبر لنا فارس ** إذا قـيل هبـوا لكي ننتصـر
فــإما انتصارٌ وإما حيـاة ** بـدار الخـلـود فنعـم الظـفــر
ولكنْ بديـع الزمان جبان ** إذا لاح قِط انـزوى واستتـر
فنفس عصـام لهم تنتمي ** ومـا ساد يومـا لكـي يفتخـر
الأهدل
فللـه مـن سـيــد فـاضــل ** رفيع المقام حليـف الظفـر
لـه منـزل في سمـاء العـلا ** قوي الجنـان قـوي النظـر
فبالعلـم ساد ونـال المنـى ** وأشبه بالعلـم غيثا همـر
يزيح عن الفكر لوث العمى ** ويذهب ما شابـه من كـدر
يسدد سهمـا لأهل الضـلال ** ويرمي بسهم على من كفر
ويكفيه فخرا قواف بدت ** بنورالعظات وثوب العبـر
* * * * * * * * * * *