شعر الدكتور/ عبد الرحمن بن عبد الرحمن شُمَيلة الأهدل
ذِكْـرَى ذَكَرْتُـكِ عِـنْـدَ الذِّكْـرِ وَالْقُــرَبِ ** وَحِيْـنَ يَمَّمْـتُ للتَّدْرِيْـسِ فِـي الْكُتُــبِ
ذِكْـرَى ذَكَرْتُـكِ وَالأَزْهَــارُ بَـاسِمَـــةٌ ** وَالْوَرْدُ يَضْحَكُ وَالأَفْنَـانُ فِيْ طَـرَبِ
وَالْبَحْــرُ يَقْــذِفُ بـالأَمْــوَاجِ مِـنْ فَـــرَحٍ ** وَالطَّلُّ يَهْطُلُ يَاذِكْـرَى مِنَ السُّحُــبِ
هَبَّ النَّسِيْمُ عَلَى رَوْضِ الْقَصِيْدِ ضُحًـى ** فَمَالَ كَالْغُصْـنِ مِنْ ذِكْرَاكِ وَاعَجَبِـي
أَبْصَـرْتُ عَيْنَــكِ وَالأَفْــرَاحُ تَغْمُـرُهَـــا ** صَفَــاءُ قَلْبِــكِ كَـالأَلْمَــاسِ وَالذَّهَــبِ
وَقُبْـلَـةٌ مِنْــكِ تُهْدِيْهَــا إِلَـى شَفَتِــــي ** أَلَــذُّ طَعْمًــا مِــنَ الْعُنَّــابِ وَالرُّطَـبِ
مَتَـى أَرَى طِفْلَتِـي تَمْشِــي عَلَـى قَـــدَمٍ ** وَتَتْرُكَ الزَّحْفَ لا تَجْثُوْ عَلَى الرُّكَبِ
مَتَــى أَرَى طِفْلَتِـي تَجْـرِي وَتُسْعِـدُنِـي ** وَتَنْطِقُ الْحَرْفَ عِنْدَ الْجِدِّ فِي الطَّلَبِ
مَـازِلْتِ يَـا طِفْلَتِي فِـي الصَّمْتِ غَـارِقَةً ** مَتَـى سَأَسْمَـعُ صَوْتًـا مِنْكِ يَسْخَـرُبِي
مَتَــى سَــأَسْمَــعُ مِــنْ ذِكْـرَايَ أُغْنِيَــــةً ** تُزِيْلُ عَنْ كَبِـدِيْ مَا اعْتَادَ مِنْ نَصَبِ
مَتَــى سَـتُتْحِفُنِــي ذِكْــرَى بِنُكْتَتِهَــــا ** فَالطِّفْـل نُكْتَتُــهُ أَحْلَـى مِـنَ الضَّــرَبِ
ذِكْرَى اعْطِفِي وَارْفُقِـي قَدْ هَدَّنِـي كِبَـرٌ ** لا تَهْجُـرِي جَـدَّكِ الْوَلْهَـانَ وَاحْتَسِبِي
تَـــرَدَّدِي أَلْــــفَ تَـــرْدَادٍ لِـمَنِـزِلِــــهِ ** فِـي كُـلِّ ثَانِيَـــةٍ زُوْرِيْ بِـلا سَبَـــبِ
أَتَهْجُــرِيْـــهِ وَقَــدْ هَـلَّــتْ مَــدَامِعُـــهُ ** خَوْفًــا عَلَيْـكِ مِـنَ الأَسْقَــام وَالتَّعَـبِ
لِلّهِ أَنْـتِ فَـمَــا تَصْغِــي إِلَـى خَبَــرٍ ** إِلَيْـكِ يُلْقَى وَلا تَصْـغِي إِلَـى خُطَـــبِ
لَـنْ تَفْهَمِـي خَبَــرًا أَوْ نَـصَّ مَـوْعِظَةٍ ** وَأَنْتِ فِـي السَّنَـةِ الأُولَى مِنَ الْحِقَــبِ
سِــوَى أَحَاسِيْـسَ فِـي عَيْنَيْـكِ نَقْرَؤُهَـا ** تَقُـولُ حِيْـنَ يُــدَقُّ الْبَـابُ هَـذَا أَبِــي
وَرُبَّــمَــــا لَبِسَـــتْ أُمٌّ عَـبَـــاءَتَـهَــــا ** فَتَدْمَـعُ الْعَيْنُ يَا ذِكْرَى مِنَ الْغَضَـبِ
وَطَــارِقٌ يَخْتَفِـيْ مِــنْ خَلْــفِ أَعْمِــدَةٍ ** فَتَبْحَثِيْــنَ وَرَاءَ الْبَــابِ وَالْحُجُــــبِ
فَـإِنْ ظَفِـرْتِ بِـهِ اسْتَأْنَسْتِ يَـا قَمَــرِي ** فَـأَنْــتِ تَـوَّاقَــةٌ لِلْمَــزْحِ وَاللَّـعِــبِ
ذِكْــرَى خَيَـالُكِ فِـي نَوْمِـي يُؤَانِسُنِـي ** كَـأَنَّـهُ مُنْتَقَـى مِـنْ شِعْـرِنَــا الْعَــرَبِ
أَبِيْــتُ أُنشِـــدُ أَشْـعَــــارًا مُنَسَّـقَــــة ** عَلَـى خَيَالِـكِ أَشْـدُوْهَـا مَعَ الشُّهُــبِ
وَإِنَّ طَيْفَــكِ يَـاذِكْـــرَى لَيُسْعِـدُنِــــي ** كَـأَنَّـهُ رَوْضَـةٌ غَنَّـــاءَ مِــنْ عِنَــــبِ
فَـلا إِخَـالُــكِ إِلا الْــوَرْدَ مُزْدَهِــــرًا ** بِخَاطِرِيْ يَا ابْنَـةَ الأَمْجَــادِ وَالْحَسَبِ
فَأَنْـتِ فِـي الــرُّوْحِ وَالأَحْشَـاءِ سَـاكِنَــةٌ ** وَسَـاكِنُ الـرُّوْحِ وَالأَحْشَـاءِ لَـمْ يَغِـبِ
وَهَكَـذَا جَــدُّ ذِكْرَى كَـانَ ذَا وَلَــــهٍ ** بِحُبِّ ذِكْرَى كَحُـبِّ الْمَـالِ وَالنَّشَــبِ
غَنَّى الْقَصَائِدَ فِـي ذِكْـرى وَأَنْشَـدَهَـــا ** وَمَرَّ دَهْرٌ فَمَاتَ الْجَـدُّ مِثْـلُ أَبِــي
وَإِذْ بِذْكَـرَى تُغَنِّـي الشِّعْـرَ حِيْـنَ غَدَتْ ** ذِكْـــرَى مُتَوَّجَــةً بِـالْعِلْــمِ وَالأَدَبِ
تَذَكَّرَتْ جَدَّهَــا الْمَرْحُــوْمَ فَـانْبَعَثَــتْ ** دُمُـوْعُ ذِكْرَى عَلَى الْخَدَّيْنِ كَالسُّحُب
وَكَـمْ دَعَتْ رَبَّهَـــا تَرْجُـوْهُ مَغْفِـــرَةً ** لِجَدِّهَا الشاعِرِ الْمَـدْفُـوْنِ فِـي رَجَـبِ
هَـذِي الْقَصَـائِدُ بَعْـدَ الْمَـوْتِ خَالِــدَةٌ ** فَكَيْـفَ بِالْعِلْــمِ وَالآدَابِ وَالْقُـــرَبِ
تَسَارَعُـوْا وَاكْتُبُـوْا عِلْمًــا وَمَعْرِفَـــةً ** وَابْنُوْا الْمَسَاجِدَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْعَطَـبِ
وَابْنُـوْا مَسَــاكِنَ لِلأَيْتَـامِ كَـمْ سَتَرَتْ ** عِمَـارَةٌ بُنِيَـتْ مِــنْ سَـادَةٍ نُجُـــبِ
وَمَـا غَرَسْتُـمْ مِـنَ الأَخْــلاقِ فِـي أُمَـــمٍ ** إِلاَّ نَجَوْتُـمْ غَـدًا مِـنْ وَطْــأَةِ الْكُـــرَبِ
فَـلا بَقَــــاءَ عَلَـى دُنْيَـــا وَهَـلْ بَقِيَـــتْ ** آبَـاؤُنَا بَيْنَ دُنْيَـا الْـهَـمِّ والـنَّصَــبِ
* * * * * * * * * * *